قليل المال قليل الهمّ
(اقتبسها المؤلّف عن الإنكليزيّة لتلاميذه في الصفّين الخامس والسادس)
في ذات يوم كان غنيّ قاعدًا على شرفة بيته الفخم يفكّر في حاله فقال في نفسه:
إنّني كثير الغنى والناس يحسدونني. أُقيم في أجمل بيت وأحسن حيّ من أحياء المدينة وأملك كلّ ما أحتاج إليه من أسباب الراحة، ومع ذلك فإنّي غير سعيد؛ ولا أعلم سبب همّي أهو متأتٍّ من بعض الناس الأشرار المحيطين بي والعاملين على إزعاجي والساعين إلى مضايقتي؟ أم هناك عوامل أخرى أجهلها؟ وفيما هو يُحدّث نفسه اتّفق أن سمع شخصًا يغنّي في الطريق فقال:
لقد كنت قبلًا مثله أغنّي، ولربّما كنت أفعل ذلك لأنّي كنت في سنّ الشباب وربيع العمر، وتنهَّد تنهّدة عميقة وصمت.
ثم تلفّت إلى الشارع، وتعجَّب إذ رأى فيه رجلًا رثّ الثياب تقدّمت به السنّ وليس شابًا كما توهّم عندما سمعه يغنّي وقال:
حقًا يبدو لي أنّه كثير السعادة. آهٍ كيف يمكن أن يكون الآخرون أسعد مني؟ سأدعوه إليّ لأتعرّف إلى سبب فرحه وسعادته!
وفيما هو يحدّث نفسه حانت من المغنّي الفقير التفاتةٌ، فرآه وتلاقت أعينهما فدعا به الغني وهبَّ لملاقاته. وما أن دخل حتى أجلسه في إحدى قاعات استقباله وقدَّم له كأسًا من الشراب الطيّب وسأله عن سبب غنائه وسروره.
فأجابه: ولمَ لا أُغنّي وأُسرٌّ؟
فقال الغني: يظهر أنّك لا تبالي بغدك؟
فهزَّ الضيف كتفيه لكلام المضيف. وبعد تناول المشروب أراه الغنيّ على قصره المنيف وأثاثه الفاخر وقال له: ألست تجد بيتي جميلًا؟ ألا تفكّر في أن يكون لك بيت مثله؟ إنّه زاهٍ كلؤلؤة وفسيحٌ كقصر، ألا تفرح إذا تملّكته؟
فقال الضيف الفقير: لا. إنّي أخاف من حسد الناس المذموم.
فجاوبه الغني: ألا تهتمّ وتعمل على أن تكون غنيًّا مثلي؟
ألا تزداد غناءً وسرورًا إذا امتلأت جيوبك بالمال؟
فردّ عليه بقوله: لا إنّي أخاف عليها من اللصوص.
فقال له: عجبًا منك ومن قولك! ألا تقبل مقايضتي؟ فتستولي على قصري ومالي؟
نعم. أقبل ذلك ولكن ليس لي بل لأسلّم تلك الثروة إلى أولئك الذين يريدون أخذها منك. لقد جاء دورهم في الهمّ وحرمان السعادة.
يوسف س. نويهض
مقتبسة عن الإنكليزية